الحماية الثانوية في ألمانيا هي نوع من أنواع الحماية التي تُمنح للأشخاص الذين لا يستوفون شروط الحصول على اللجوء وفقًا لاتفاقية جنيف للاجئين، ولكنهم يواجهون خطرًا جسيمًا في حالة العودة إلى بلدانهم الأصلية. هذه الفئة من الحماية تُعتبر بمثابة حماية ثانوية لأنها تأتي بعد تقييم طلب اللجوء الرئيسي.
في عالم يشهد تقلبات متزايدة وأزمات إنسانية متفاقمة، يبرز مفهوم الحماية الثانوية كعنصر حاسم في نظام اللجوء الألماني. ألمانيا، التي تعد واحدة من أبرز الوجهات لطالبي اللجوء في أوروبا، لا تقتصر في سياستها الإنسانية على توفير اللجوء وفقًا لمعايير اتفاقية جنيف فحسب، بل تمتد لتشمل تقديم الحماية الفرعية لأولئك الذين يواجهون أخطاراً جسيمة في حال العودة إلى بلدانهم.
هذا النوع من الحماية يمثل شبكة أمان للأشخاص الذين لا يستوفون الشروط الصارمة للجوء التقليدي، ولكنهم مع ذلك يحتاجون إلى حماية دولية بسبب الظروف الخطيرة في بلادهم الأصلية، مثل النزاعات المسلحة أو الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
من خلال تسليط الضوء على الحماية الثانوية في ألمانيا، يكتسب هذا المقال أهمية خاصة في فهم كيف تتعامل الدول المتقدمة مع التحديات المعقدة للهجرة واللجوء في القرن الحادي والعشرين. يهدف هذا المقال إلى استكشاف أسس ومعايير الحماية الفرعية، الحقوق والقيود المرتبطة بها، وكيف تساهم هذه الآلية في حماية حقوق الإنسان وتوفير الأمان لأشخاص يقفون على حافة اليأس والخطر.
فهرس المحتويات
نظرة عامة عن الحماية الثانوية في ألمانيا
الحماية “الفرعية” (“التكميلية”، “الإضافية”، “الثانوية”، “Subsidiärer Schutz“) لطالبي اللجوء في المانيا تُمثل جانبًا مهمًا في سياسة اللجوء والهجرة، وتُعد بمثابة طوق نجاة للأشخاص الذين يواجهون مخاطر جسيمة، لكنهم لا يستوفون المعايير الصارمة للجوء وفقًا لاتفاقية جنيف.
تُمنح هذه الحماية لأولئك الذين يُظهرون أنهم معرضون لخطر حقيقي بتعرضهم للتعذيب، أو العقوبات القاسية وغير الإنسانية، أو الأذى الجسيم في حال العودة إلى بلدانهم الأصلية. هذا يشمل الأفراد الذين قد يكونون في خطر بسبب النزاعات المسلحة، العنف العام، أو انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي لا تقع ضمن نطاق الاضطهاد المحدد في اتفاقية جنيف.
من خلال توفير الحماية الثانوية، تُظهر ألمانيا التزامها بحماية حقوق الإنسان ودعم الأفراد الذين يجدون أنفسهم في ظروف خطيرة ومستعصية. هذا النوع من الحماية ليس فقط يعكس التزام ألمانيا بمسؤولياتها الدولية، بل يُعتبر أيضًا جزءًا لا يتجزأ من نظامها الشامل لاستقبال ودعم طالبي اللجوء.
من يحق له الحصول على الحماية الثانوية في ألمانيا؟
الحصول على الحماية الفرعية في ألمانيا يتبع إجراءات محددة ويخضع لمعايير واضحة. عند تقديم طلب اللجوء، يمكن أن تنتهي العملية بأحد خمسة نتائج محتملة. إذا تم التعرف على استحقاق اللجوء أو منح صفة اللاجئ، يتم قبول الطلب. ومع ذلك، في حال الرفض، يمكن أن يؤدي ذلك إلى:
- منح الحماية الفرعية في المانيا.
- منح الاقامة المتسامحة دولدونغ duldung.
- الطرد أو الترحيل من البلاد.
يمنح مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي الحماية الثانوية لطالب اللجوء الذي تم رفض طلبه، إذا قدم أسباباً مقنعة تُظهر أنه سيواجه ضرراً جسيماً في حال العودة إلى بلده الأصلي. يُعتبر ضرراً جسيماً ما يلي:
- تنفيذ أو تهديد بتنفيذ عقوبة الإعدام.
- التعرض للتعذيب أو معاملة أو عقاب غير إنساني أو مهين.
- التهديد الجدي بالحياة أو السلامة الشخصية للمدنيين نتيجة العنف العشوائي في سياق نزاع مسلح دولي أو داخلي.
هذه المعايير محددة في الفقرة الرابعة من قانون اللجوء في المانيا. يتم تقييم كل حالة على حدة لتحديد ما إذا كانت تلبي هذه المعايير للحصول على الحماية الفرعية.
أنواع الحماية لطالبي اللجوء في ألمانيا
في ألمانيا، يوجد ثلاثة أنواع رئيسية من الحماية لطالبي اللجوء: الأهلية للجوء، الحماية الثانوية، والتسامح (Duldung). تختلف كل من هذه الفئات في المعايير والحقوق الممنوحة للأفراد. انواع الحماية في المانيا تشمل:
- أهلية اللجوء (Asylberechtigung): يُمنح هذا الوضع للأشخاص الذين يُعتبرون لاجئين وفقًا لاتفاقية جنيف. يعتمد هذا التصنيف على التعرض للاضطهاد بسبب الدين، الجنسية، الرأي السياسي، العرق، أو الانتماء إلى مجموعة اجتماعية معينة. الأشخاص الذين يتم الاعتراف بهم كلاجئين وفقًا لهذا التعريف يتمتعون بحقوق معينة وحماية كاملة تحت القانون الألماني والدولي.
- الحماية الثانوية (Subsidiärer Schutz): هذا النوع من الحماية يُمنح للأشخاص الذين لا يستوفون معايير اللجوء وفقًا لاتفاقية جنيف، ولكنهم يواجهون خطرًا جسيمًا في حال العودة إلى بلدانهم. يشمل هذا الخطر التعرض للتعذيب، العنف الشديد، أو تهديدات أخرى للسلامة الشخصية. الحماية الفرعية توفر درجة من الأمان لكنها تأتي مع قيود معينة مقارنة باللجوء الكامل.
- التسامح (Duldung): يُمنح وضع التسامح للأشخاص الذين يجب أن يُرحلوا من ألمانيا ولكن لا يمكن تنفيذ ذلك لأسباب عملية أو قانونية. قد يكون ذلك بسبب عدم وجود وثائق سفر صالحة، مشاكل في النقل إلى البلد الأصلي، أو ظروف أخرى تمنع الترحيل. وضع التسامح هو إجراء مؤقت ولا يوفر الحقوق نفسها التي يوفرها اللجوء أو الحماية الثانوية.
كل فئة من هذه الفئات تُمثل جانبًا مختلفًا من نظام اللجوء في ألمانيا، وتُظهر كيف يتم تقييم ومعالجة الحالات المتنوعة لطالبي اللجوء وفقًا للمعايير والظروف الخاصة بكل حالة.
اقرأ أيضًا: اكتشف 5 من أقوى أسباب قبول اللجوء في ألمانيا.
حقوق وواجبات أصحاب الحماية الثانوية في المانيا
في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها دولة ألمانيا لتقديم الحماية والدعم للأشخاص الذين يبحثون عن ملاذ آمن على أراضيها، نجد أن نظام الحماية الفرعية يبرز كأحد الأدوات الرئيسية لتحقيق هذا الهدف.
هذا النظام، الذي يتضمن مجموعة من الحقوق والواجبات، يعكس التوازن الرصين بين متطلبات الحماية الإنسانية وضرورة التأكد من اندماج الأشخاص المحميين في المجتمع الألماني. في هذه الفقرة، سنتناول بشيء من التفصيل حقوق وواجبات أصحاب الحماية الفرعية في ألمانيا.
حقوق أصحاب الحماية الثانوية في المانيا؟
أصحاب الحماية الفرعية في ألمانيا يتمتعون بعدد من الحقوق موضحة كالآتي:
- تصريح الإقامة: يحصل الأشخاص تحت الحماية الفرعية على وثيقة الاقامة المؤقتة لطالبي اللجوء في المانيا Aufenthaltsgestattung، ولكن هذا التصريح يكون مؤقتًا، حيث يُمنح في البداية لمدة عام واحد ويمكن تجديده لمدد إضافية تصل إلى سنتين.
- العمل: يُسمح لأصحاب الحماية الفرعية بمزاولة العمل في ألمانيا بعد انتهاء مدة معينة من الإقامة، ويمكنهم العمل بشكل غير محدود بمجرد انتهاء إجراءات طلب اللجوء. ومع ذلك، يوجد قيد يحظر عليهم العمل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وصولهم.
- الوصول إلى المساعدات الاجتماعية والصحية: يتمتع الأشخاص تحت الحماية الثانوية بحق الوصول إلى المساعدات الاجتماعية والرعاية الصحية في ألمانيا.
- لم الشمل الأسري: يمكن للأشخاص تحت الحماية الفرعية التقدم بطلب لم الشمل لأسرهم وفقًا للشروط المحددة في القانون الألماني، خاصة § 36a من قانون الإقامة. ومع ذلك، هناك شروط معينة يجب استيفاؤها لإتمام عملية لم الشمل.
تُعد هذه الحقوق جزءًا من نظام الحماية الفرعية في ألمانيا، وهي تعكس التوازن بين توفير الأمان والحماية للأشخاص الذين يواجهون مخاطر جسيمة وبين ضمان الاندماج الفعال والتحكم في سياسات الهجرة واللجوء.
الواجبات المفروضة على الأشخاص تحت الحماية الثانوية
الأشخاص الذين يتمتعون بالحماية الثانوية في ألمانيا يخضعون لمجموعة من الواجبات والقيود التي تعكس التزامهم بقوانين البلاد وتسهل عملية اندماجهم. من أبرز هذه الواجبات والقيود:
- الالتزام بالقوانين الألمانية: يجب على الأشخاص تحت الحماية الفرعية الالتزام بكافة القوانين والأنظمة الألمانية، ويشمل ذلك قانون العمل، القانون الاجتماعي، القانون الجنائي.
- قيود الإقامة: قد يُطلب من الأشخاص تحت الحماية الفرعية الإقامة في مناطق معينة داخل ألمانيا. هذه القيود تهدف إلى توزيع طالبي اللجوء بشكل متوازن عبر البلاد وتجنب الضغط الزائد على مناطق معينة.
- التقيد بقواعد العمل: يُسمح للأشخاص تحت الحماية الفرعية بالعمل في ألمانيا، ولكن هناك بعض القيود خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إقامتهم. يجب عليهم أيضًا الحصول على تصريح عمل من السلطات المختصة.
- المشاركة في برامج الاندماج: يُشجع الأشخاص تحت الحماية الثانوية على المشاركة في برامج الاندماج والتعليم المقدمة من قبل الحكومة الألمانية، والتي تشمل دورات اللغة الألمانية وبرامج التدريب المهني.
- التقيد بإجراءات اللم الشمل: في حال رغبة الأشخاص تحت الحماية الفرعية في لم شمل أسرهم، يجب عليهم اتباع الإجراءات والشروط المحددة قانونيًا، والتي تتطلب تقديم الوثائق والأدلة اللازمة.
يعكس هذا الإطار من الواجبات والقيود جهود ألمانيا لتوفير الحماية وفي الوقت نفسه ضمان الاندماج السليم والمنظم للأشخاص تحت الحماية الفرعية في المجتمع.
أهمية الحماية الثانوية في سياق حقوق الإنسان
الحماية الفرعية تمثل في سياق حقوق الإنسان شريحة حيوية، حيث تقف كدرع واقٍ أمام الأفراد المهددين بالخطر أو الانتهاك. هذه الحماية، التي تتجاوز في أحيان عديدة تعريف اللجوء التقليدي، تعبر عن استجابة مباشرة لحاجات الأشخاص الذين يواجهون تهديدات خطيرة لحياتهم أو حرياتهم.
وفي ظل الظروف العالمية المعقدة والتحديات الإنسانية المتزايدة، تمثل الحماية الثانوية نهجًا مبتكرًا يسعى لضمان حقوق الإنسان الأساسية لكل فرد، مهما كانت ظروفه أو جنسيته. بتوفير مأوى آمن وفرصة لحياة أفضل، تظل ألمانيا وغيرها من الدول الملتزمة بالقيم الإنسانية على الجبهة الأمامية للدفاع عن الكرامة الإنسانية وتعزيز مفهوم العدالة والمساواة في المجتمع العالمي.
شروط منح الحماية الثانوية في المانيا
منح الحماية الفرعية في ألمانيا يخضع لمجموعة من الشروط الدقيقة والمحددة، والتي تهدف إلى توفير الحماية للأشخاص الذين لا يستوفون شروط اللجوء الكامل وفقًا لاتفاقية جنيف، ولكن يواجهون مخاطر جسيمة في حالة العودة إلى بلدانهم الأصلية. الشروط الرئيسية لمنح الحماية الفرعية هي:
قوانين الحماية الثانوية في ألمانيا
القوانين والتشريعات الألمانية المتعلقة بالحماية الثانوية تمثل إطارًا قانونيًا مُصممًا لضمان حماية الأفراد الذين يواجهون تهديدات جسيمة في بلدانهم الأصلية. يُعتبر قانون اللجوء الألماني (Asylgesetz) العمود الفقري لهذا النظام، حيث يُحدد الإطار القانوني لتقديم الحماية الفرعية. وبجانب هذا الإطار الوطني، تأتي الحماية الفرعية في ألمانيا في توافق تام مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية جنيف للاجئين والقانون الأوروبي لحقوق الإنسان.
عندما يتقدم الأفراد بطلبات للحصول على الحماية الثانوية، يتم تقييم مدى خطورة وضعهم من قِبل مكتب الهجرة واللاجئين الفيدرالي (BAMF). يجب على الطالب أن يقدم أدلة ملموسة ومقنعة تُظهر الخطر الذي يمكن أن يواجهه في حال عودته إلى بلده الأصلي، سواء كان ذلك بسبب الاضطهاد بناءً على أسباب سياسية، عرقية، دينية، أو أي سبب آخر يجعله في موقف ضعيف أو معرضًا للخطر.
بفضل هذا النظام القانوني الشامل والمُتكامل، تُظهر ألمانيا التزامًا قويًا بمبادئ حقوق الإنسان والإنسانية، مؤكدةً بذلك دورها كقوة دولية تضمن حماية الأفراد وتقديم الدعم لمن يحتاجون إليه في ظل الظروف الصعبة التي قد يواجهونها.
قصص عن الحماية الفرعية في ألمانيا
حالات دراسية وشهادات حول الحماية الثانوية في ألمانيا تُظهر تأثير هذا النوع من الحماية بشكل ملموس وحيوي على حياة الأفراد. إحدى هذه القصص تتعلق بشاب من سوريا، الذي فر من الحرب الأهلية والعنف الشديد في بلاده. على الرغم من عدم استيفائه لكافة معايير اللجوء وفقًا لاتفاقية جنيف، إلا أنه حصل على الحماية الفرعية في ألمانيا، مما سمح له ببدء حياة جديدة في بيئة آمنة، مع إمكانية العمل والوصول إلى الخدمات الصحية والتعليم.
قصة أخرى تعود لعائلة من أفغانستان، حيث تم تهديد حياة العائلة بسبب الصراعات الداخلية والعنف. بعد رفض طلب لجوئهم الأولي بموجب اتفاقية جنيف، تم منحهم الحماية الثانوية، مما أتاح لهم الفرصة للعيش بأمان في ألمانيا، وأعطى الأطفال فرصة للحصول على التعليم وتطوير مهاراتهم لمستقبل أفضل.
هذه القصص تبرز الدور الأساسي الذي تلعبه الحماية الفرعية في توفير الأمان والاستقرار للأشخاص الذين يفرون من ظروف غير آمنة ومحفوفة بالمخاطر. من خلال هذه الحماية، تُظهر ألمانيا التزامها بالمسؤولية الدولية تجاه حقوق الإنسان وتقدم نموذجًا لكيفية دعم الأشخاص في أوضاع النزوح والهجرة.
وفي الختام عزيزي القارئ، الحماية الثانوية في ألمانيا تعكس التزام البلاد بحماية حقوق الإنسان، حيث توفر ملاذًا آمنًا للأشخاص الذين يواجهون مخاطر في بلدانهم الأصلية ولكن لا يستوفون معايير اللجوء التقليدية. تتميز هذه الحماية بمزيج من الأمان والفرص، إلى جانب مجموعة من الواجبات والقيود التي تضمن الاندماج الفعال في المجتمع. تظل هناك فرص لتحسين النظام، خاصةً فيما يتعلق بتسهيل إجراءات الحصول على الحماية وتعزيز الدعم الاجتماعي والنفسي للمستفيدين.
تابعوا اخبار اللاجئين في المانيا بالاضافة إلى أهم وأحدث اخبار المانيا والعالم على موقعكم عرب دويتشلاند